في حارات الرياض القديمة 00تجد البيوت المتراصة مثل قلوب أهلها 00 وتجد
الشوارع الضيقة بسبب صدور أهلها الفسيحة فقد ضاقت بها ولم يعد يتسع لها شي
00أو هكذا كانت تبدوا 00كانت البساطة في كل شي 00و الظروف متقاربة لأغلب
الأسر 00ربما كان مجتمع الرياض في ذلك الوقت يقع في دور الميزانين بين
المجتمع العضوي والمجتمع الميكانيكي 00 بحسب تقسيم العمل في نظرية
اللامعيارية لدوركايم 00كان يتحفز للإنتقال للمجتمع الميكانيكي 00
كان سعيدان وعليان صديقا طفولة لا يفترقان إلا ساعة النوم 00 يختلفان
ويختصمان 00ثم لا يدري أي منهم إلا وهو عند الآخر 00لا يتشابهان في أي شي
00 ولا نعلم ما لذي ألف بين قلبيهما 00كان سعيدان ضعيف في مستواه الدراسي
ويكره الدروس والمذاكرة 00ولكن كان يملك يداً عالية المهنية 00 بعكس صديقه
الذي كان متفوقاً في دراسته ولا يستطيع أن يحل مسماراً ( أرفل )00 في المدرسة
وفي الصف السادس الابتدائي 00 كان عليان يتلقى المديح ورفيقه يأخذ ذات القدر
من التوبيخ والتقريع والضرب المبرح على اليدين00 كان مدرس الدين كفيف البصر
وله قدرة عجيبة على ضبط الفصل 00فيستطيع معرفة مصدر الصوت ويذهب إليه
حتى يمسك ذلك الطالب بيده 00ومن ثم ينال جزاءه بذلك السوط المجدول كجديل فتاة
أفريقية 00كان عليان محبوباً من أساتذته 00كان رفاقه يناودونه بالمصري ( ليس
شكلاً بل لأن الطلبة المصريين رمز للتفوق ) كان محبوباً لديهم بعكس المتفوقين
الآخرين 00 فقد كان يقوم بمساعدتهم ويغششهم الواجبات أحياناً 00 أستدعى
مدرس الدين عليان لتصحيح اختبار مواد الدين أعطاه الأوراق وقال اذهب للمكتبة
حتى آتيك 00كان يثق به ثقة عمياء 00 ذهب عليان إلى المكتبة وأول ما فعل أن
بحث عن إجابات سعيدان قرأها وكانت ( منيلة ) كما هي العادة 00 تذكر ما سيواجهه
في البيت إذا رأوا درجاته 00 تذكر والده المقعد الكبير السن وسعيدان أكبر أبناءه
وكيف كان ينتظر بفارغ الصبر أن يكبر حتى يتحمل مسئولية أخوته الصغار 00 تذكر
صديقه الذي طالما سانده في مقارعة الخصوم 00 تذكر كل ذلك ثم قام بتعبئة ورقة
إجابة سعيدان بالإجابات الصحيحة 00 جاء أستاذ الدين وقرأ عليان عليه أوراق
الإجابات 00استغرب الأستاذ إجابات سعيدان 00 وكاد قلب عليان أن يقع خوفاً من
اكتشافه 00فبادره بالقول أنه ذاكر المواد جيداً 00 وأنه لم يخرج من البيت للمذاكرة
00 اعتمد الدرجات00 كان سعيدان مسروراً لتلك النتيجة الفتاكة 00أما عليان
فكان يحس بوخز الضمير لخداع معلمه الذي وضع ثقته فيه 00معلمه الذي أراد أن
يكون له عينه البصيرة التي حرمها الله منها 00أحس بالخجل من نفسه بالرغم من
صغر سنه 00 أحس بغصة لازمته حتى الآن حسب ما علمنا 00لم يكن يخففها إلا
تذكر الأعمال الحسنة التي كان يقوم بها من إيصاله للبيت ومساعدته في بعض
أعماله المدرسية 00كان ذلك الخطأ من الأخطاء التي لم يغفرها لنفسه 00